-A +A
جهير بنت عبدالله المساعد
في لقاء تلفزيوني ظهر السفير الفرنسي مع مذيع بريطاني في قناة بريطانية لغتها الإنجليزية.. كان السفير الفرنسي يرتدي البدلة الإفرنجية المعروفة مع رباط العنق الأنيق يتحدث بلغته الفرنسية التي هي لغة بلاده التي عينته سفيرا.. تاركا للقناة البريطانية الترجمة للغة الإنجليزية إن هي رغبت ذلك! قارنوا هذا المشهد.. بمقابلات تجريها القنوات الفضائية المختلفة مع بعض السفراء السعوديين والخليجيين معظمهم يرتدون البدل الإفرنجية في المقابلات التلفزيونية العربية!! فإذا كان سفيرا في بلد عربي كان زيه الذي يظهر به في التلفزيون العربي البدلة الإفرنجية مع رباط العنق الثمين وليس الأنيق فقط.. الثميييين!! مرة رأيت أحدهم يعلق دبوسا على رباط العنق عبارة عن علم مصغر أي راية البلد المضيف الذي يعمل به سفيرا لبلاده!! وإذا تحدثوا في القنوات الأجنبية كان حديثهم باللغة الإنجليزية طبعا!! بعضهم يكون فيها طليقا وبعضهم ركيكا المهم أن يتحدث بها بعيدا عن لغته العربية!! فالإنجليزية بالنسبة لهم هي اللغة الأم!! والأدهى حين يظهر أحدهم في قناة عربية ممولة عربيا لغتها عربية ومذيعها عربي ثم يأتي سفيرنا الخليجي ويتحدث بلهجة الوطن الأم للمذيع!! يتخلى عن لهجته الخليجية ببساطة شديدة ويتخلى عن اللغة العربية الدارجة ببساطة أكثر ويظهر فخورا بالتطبيع مع المذيع!! ويتحدث بلهجة المذيع المحلية وكأنه.. ليس سفيرا محسوبا على البلد الذي أعطاه الفرصة أن يكون سفيرا ولولا هذه الفرصة الذهبية ما عرفوه ولا قابلوه ولا ظهر في قنواتهم يطل على المشاهدين في العالم!
كم هو مؤسف ومؤلم أن بعض السفراء منزوعي الهوية.. قادرون على تغيير جلودهم، متنازلين عن انتمائهم كأنما هم يفهمون العمل الدبلوماسي بالمقلوب! معناه عندهم أن تخلع قميصك وترتدي قميص الآخرين كي تكون ناجحا ومقبولا ومحبوبا!! كأنما العمل في السفارات مسخ للأصالة، وتجريد من الوطنية وتفتيت للانتماء الوطني الوثيق! ومن المؤسف المؤلم.. أن تراهم أمام الآخرين في المقابلات التلفزيونية عصافير أليفة بينما هم أنفسهم أمام الطلاب المبتعثين أو مع المسافرين المقيمين في البلاد الأخرى وتجبرهم ظروفهم على مراجعة السفارة.. تراهم أسودا جاهزين للانقضاض على الفريسة!! وكم هو مؤسف ومؤلم.. ما تراه في المقابلات التلفزيونية التي تجرى معهم في القنوات الفضائية.. حين يظهرون.. ضعفاء الفكر.. عاجزي الحيلة.. بلا منطق سليم ولا انتماء حميم.. زيهم زي الآخرين، لهجتهم لهجة الآخرين.. وعيهم بقضاياهم الوطنية والإنسانية فقير وطريقتهم في النقاش استعلامية في معظم الأحيان، وعقيمة في الأحيان الأخرى ينطون مع كل مذيع أو مذيعة.. دون اختيار دقيق ولا فكر عميق كأنما همهم الأوحد الخروج في التلفزيون مع أي أحد وكل أحد! لا يوزنون طلتهم بوزن بلادهم إنما يفرطون بهيبتهم وهي من هيبة بلادهم! كأنما المطلوب عندهم إرضاء الآخرين وليس العمل مع الآخرين!! مثلهم مثل الحليب البودرة سريع الذوبان!! لا هم أجانب ولا هم خليجيون! لا تعرف لهم هوية ولا شخصية مجرد مناظر تسر الناظر!! في حين أنهم وجه الوطن عند الآخرين وهذه هي المحنة التي نعاني منها أننا فرطنا في غرس الهوية الوطنية في الداخل والخارج فإلى متى ندفع الثمن؟!.

للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 152 مسافة ثم الرسالة